تاريخ اليهود في العراق

وصل اليهود الأوائل إلى العراق في القرن السادس قبل الميلاد بعد نفيهم من قبل الملك البابلي نبوخذ نصر إلى بابل. وبحلول عام 220 م أصبح العراق مركزاً للعلم والمعرفة والتطور اليهودي، وظل على هذا النحو لفترة دامت 500 عام. وعندما استولى العرب على المنطقة في عام 638، أصبح الإسلام الدين الرسمي واللغة العربية اللغة الرسمية للبلاد. وفي عام 720، واجه اليهود الاضطهاد حيث مُنعوا من بناء المعابد، مما سبب لبعضهم أن يلوذوا بالفرار.

خلال الفترة 1058-1900، تم احتلال العراق من قبل الأتراك والمغول والأتراك ثم الفرس على التوالي. وخلال تلك الحقبة كثيراً ما عومل اليهود كـ “أهل الذمة”، وتعرضوا للضرائب الشخصية وغيرها من القوانين التمييزية. وفي ذلك الوقت تراوح عدد السكان اليهود بين 40000 إلى 80000 نسمة.

وفي عام 1918 بدأ الانتداب البريطاني على العراق الذي لعب فيه اليهود دوراً مركزياً من خلال مساعدتهم في تطوير النظام القضائي والخدمة البريدية. وبالإضافة إلى ذلك، شغل اليهود مناصب في البرلمان مما أدى إلى استياء بعض المواطنين العراقيين من غير اليهود.

ومع ذلك، فقد تغير الوضع بشكل جذري عندما حصل العراق على استقلاله من بريطانيا وأصبح رشيد عالي رئيساً للوزراء. ففي عام 1932، رحب رشيد عالي بالدعاية النازية في العراق التي أدت إلى زيادة الكراهية ضد اليهود العراقيين. وواجه اليهود التمييز وإصدار قوانين قاسية ضدهم وتحديد حصص لهم فى الوظائف التي تم إعدادها لاستبعاد اليهود عن الوظائف الحكومية. وفي 1-2 حزيران عام 1941 اندلعت أحداث “الفرهود” العنيفة ضد اليهود مما أدى إلى مقتل ما يقرب من 300 يهودي وجرح أكثر من 2000 آخرين وترك ممتلكات متضررة تقدر خسائرها بـ 3 ملايين دولار. وخلال السنوات العشر التالية، عانى اليهود من اندلاع أعمال شغب وعنف عشوائية ضدهم. وفر أكثر من 15000 يهودي من العراق في الفترة بين 1941 و 1951.

وفي عام 1948، شارك العراق في الحرب ضد إسرائيل. وفي ذلك الحين كان يعيش 130000 يهودي في العراق، وتم ادراج الصهيونية في القانون الجنائي العراقي حيث أصبحت جريمة يعاقب عليها بالإعدام. ونتيجة لذلك، سُجن 1500 يهودي وتم تعذيبهم وتجريدهم من ممتلكاتهم. وبين السنوات 1949-1951، سُمح لليهود بمغادرة العراق بشرط تخليهم عن جنسياتهم. وتم إجلاء 104000 يهودي في “عملية عزرا ونحاميا”، وتهريب 20000 يهودي آخر عن طريق ايران.

ومُنعت الهجرة في عام 1952 في الوقت الذي بقي فيه 6000 يهودي في العراق. واستمر اليهود يعانون الاضطهاد الشديد والاعتقالات التعسفية والعزلة الاقتصادية. وفي عام 1969، شنق علناً ​​9 رجال يهود في بغداد والبصرة بعد اكتشاف الحكومة “شبكة تجسس” مزعومة. وفي أعقاب تلك الأحداث، لم يعد اليهود يشعرون بالأمان في العراق وفي السبعينات من القرن الماضي سمح لهم بمغادرة البلاد بصورة هادئة وبصمت. واليوم بقي أقل من عشرة يهود في العراق.

نشكر منظمة “العدالة لليهود من الدول العربية” لتقديمها هذا الملخص إلى موقع “جيمينا” عن التجربة اليهودية العراقية:

نماذج للتمييز الطائفى ضد اليهود ابان وجودهم فى العراق  فى القرن العشرين

كان أول تشريع انتهك حقوق اليهود فى العراق هو التعديل رقم 12 من عام 1948 الذي حل محل ملحق رقم 13 من عام 1938 الخاص بـ “قانون العقوبات البغدادي”. وقد حدد “قانون العقوبات البغدادي” الأحكام المتعلقة بالشيوعية والفوضى والفجور في المادة 89 أ. وعموماً تحظر المادة نشر أي شيء يحرّض على انتشار الكراهية والإساءة للحكومة أو يهدد سلامة الناس. إن هذا التعديل الذي صدر في عام 1948، أضاف “الصهيونية” إلى الشيوعية والفوضوية والفجور، بحيث أن الدعوة إليها تشكل جريمة يعاقب عليها بالسجن سبع سنوات و/ أو دفع غرامة.
وأفاد مقال ظهر في صحيفة “نيويورك تايمز” في 16 أيار/مايو 1948 بأنه: “لا يسمح لأي يهودي في العراق بمغادرة البلاد إلا إذا وضع ودائع مع الحكومة قدرها 5000£ (20000 دولار) لضمان عودته. ولا يسمح لأي يهودي أجنبي بدخول العراق حتى خلال التنقل والسفر”.

وفي الواقع، إن قانون رقم 1 لعام 1950، بعنوان “ملحق لقانون إلغاء الجنسية العراقية،” يحرم اليهود من جنسيتهم العراقية، حيث تنص المادة 1 بأن “مجلس الوزراء قد يلغي الجنسية العراقية عن اليهودي العراقي الذي يرغب عن طيب خاطر مغادرة العراق…” (المصدر باللغة الانكليزية هو نقلاً عن الترجمة العراقية الرسمية).

والقانون رقم 5 لعام 1951 بعنوان “قانون مراقبة وإدارة أموال اليهود الذين سقطت عنهم الجنسية العراقية” يحرمهم أيضاً من ممتلكاتهم. فالمادة 2 (أ) “تجمد” الممتلكات اليهودية.

كانت هناك سلسلة من القوانين التي توسعت لاحقاً حول مصادرة أصول وممتلكات اليهود “المُسقطة عنهم الجنسية العراقية”. وشملت هذه قانون رقم 12 لعام 1951، [والقانون رقم] 16 والقانون المرفق رقم 64 لعام 1967 (المتعلقة بملكية الأسهم في الشركات التجارية) وقانون رقم 10 لسنة 1968 بشأن القيود المصرفية.