توني دادوش

Tony Dadush

كانت حياتي في طرابلس حياة عائلية سعيدة، ولكن لا بد أن أضيف بأنني ترعرعت عصبي المزاج بصورة شديدة. أتذكر السير مع والدتي في شوارع طرابلس عندما كنت طفلاً، واعتدت أن أسألها: لماذا حُرقت تلك المنازل؟ وفي وقت لاحق فقط أدركت أن تلك المباني المحروقة كانت نتيجة المذابح التي عانى منها اليهود.

وأثناء حرب السويس عام 1956، بقينا داخل منزلنا وراء متاريس مغلقة لمدة أسبوع ولم نذهب إلى المدرسة.

كنت دائماً أخاف من العرب حيث كان باستطاعة أي واحد منهم مهاجمتنا أو مسنا، وعلينا قبول ذلك. وفي كثير من الأحيان كنت أسأل نفسي كيف كانت ستكون حياتي إذا كان والديّ قد هاجرا إلى إسرائيل في وقت سابق عندما كان يسمح لهم بذلك.

بعد حصولي على شهادة الثانوية العامة، أعربت عن رغبتي في السفر إلى باريس، فرنسا، والالتحاق بالجامعة. أردت أن أكون بالقرب من عمي وعائلته في باريس.

ولكي أتمكن من مغادرة ليبيا، أخذت السلطات جوازا سفر والديّ كرهينة. وقالوا لي إذا لا أعود، سيتم احتجاز والديّ. كيف أتمكن من البقاء في فرنسا؟ اضطررت إلى العودة كل صيف.

في 2 حزيران/يونيو 1967 عدت إلى ليبيا وذهبت إلى الجهة المعنية في الحكومة لإعلامها. وفي يوم الاثنين 5 حزيران/يونيو، كنت في منزل ابن عمي ليس بعيداً جداً عن بيتي. وفي السابعة صباحاً، كانت طرابلس تحترق. فقد تم إضرام النار في جميع المنازل والأعمال التجارية اليهودية. كانت تلك أفظع فترة في حياتي. لم أتمكن من الوصول إلى منزلي أو عائلتي.

وخوفاً على حياتي، انتقلت في الخفاء وبحذر من مكان إلى آخر. وبفضل القنصل الدنماركي، الذي كان صديقاً مقرباً جداً من والدي، وصديق إيطالي مقرب آخر، تمكنت من مغادرة طرابلس في 20 تموز/يوليو.

غادرت دون أن أحمل معي أي شيء، وفي المطار تم الاستخفاف بي وبُصق عليّ. وعندما يسألني بعض الناس إذا كنت أرغب في زيارة طرابلس مرة أخرى، أقول دائماً كلا شكراً لكم.

إن اختبائي أربعين يوماً قد ترك في نفسي ندبة. وبالإضافة إلى ذلك، تم احتجاز والدتي ووالدي وشقيقتي المتزوجة مع زوجها وأطفالها الثلاثة في معسكر اعتقال. ولحسن الحظ، تمكنوا من الوصول إلى إيطاليا، ولكن ليس قبل تشرين الثاني/نوفمبر. ومع ذلك، لم أحصل على فرصة لرؤية والدي مرة أخرى. فقد توفي عن عمر يناهز 56 عاماً.