مطيّر حمام عراقي أحد أبطال فيلم تنتجه اسرائيل .

" مطير الحمام " فيلم سينمائي جديد يعتمد بالدرجة الأولى على رواية الكاتب الإسرائيلي، عراقي الاصل إيلي عمير التي استغرقته كتابتها 13 عاما اجرى خلاها تحقيقا شافيا عن حياة يهود العراق عشية قيام دولة إسرائيل. ولاشك ان اكثر ما يميز هذا الفيلم أنه ينطق باللغة العربية سيما اللهجة البغدادية اليهودية واللهجة العامية العراقية.

يصور الفيلم الأجواء السياسية المتقلبة في العراق التي تركت بصماتها على الطائفة اليهودية في بغداد غداة الفرهود وعشية قيام دولة أسرائيل. يعكس الفلم قدر كبير من طابع المجتمع اليهودي الذي كان متاثرا بالمجتمع العربي المحيط به وبه تربطه به علاقات صداقة. تدور احداث الفيلم في العراق في نهاية الاربعينات ومطلع الخمسينات من القرن العشرين حيث إنقسم المجتمع اليهودي الى فئتين احداهما مناصرة للشيوعية والثانية للصهيونية . يظهر هذا الشرخ داخل عائلة كابي العماري ،بطل الفلم وهو شاب فتي في ال16 من العمر. عندما يتم توقيف عمه حسقيل العماري  الصحفي الشيوعي ، يأخذ على عاتقه مهمة التوصل الى مكان توقيفه ويتعاون مع افراد الحركة الصهيونية التي قامت بتزويد الشبيبة بالسلاح للتدريب عشية إندلاع الحرب في فلسطين .

بين المطرقة والسندان

تعيش عائلة كابي في عالم متناقض وعلاقات متنافرة فاليهود في العراق كانت  تربطهم علاقات حميمة بالمسلمين وبالثقافة العربية على حد سواء لكنها تعيش في أجواء يتملكها الخوف وتتهدها مخاوف  الطرد. وتتجلى هذه المعضلة لدى عائلة العماري حيث كانت نعيمة أم كابي ( تؤدي الدور اهوفا كيرين)إمرأة رزينة في بادئ الأمر غير متحمسة لموضوع الرحيل لكنها غيرت رأيها تدريجيا بعد أن تم القبض على إبنها  كابي ومحاولة استدراجه للإعتراف بنشاط الحركة الصهيونية. أما دور زوجها سلمان الخياط فقد قام بأدائه الممثل القدير يغئال ناؤر  الذي سبق وأن أدى دور صدام حسين في احدى مسلسلات ال بي بي سي

كان سلمان والد كابي خياطا ومتحمسا جدا للصهيونية بينما كانت زوجته نعيمة تفضل البقاء في أرض آبائها وأجدادها على مر الآف السنين. ويتم القبض على أخيه سلمان الذي كان صحفيا وشيوعيا ، ولم يتوان عن التحريض ضد الحكم الملكي متأثرا بالأفكار الشيوعية.وتبذل زوجته الشابة الجميلة راشيل  مساع حثيثة لتجد من يتوسط له للإفراج عنه. وكان أول من انخرط لمساعدتها كابي الشاب الذي كان مفتونا بجمالها ومستعدا للتضحية في سبيلها.  وبمساعدة احد الاصدقاء العراقيين المتنفذين تعد أم كابي وراشيل الأكلات العراقية اليهودية  التي  كانت محببة على نفس السجين الشيوعي ويتم إدخال كابي للقاء عمه السجين الذي لم يبد أي أسف على تنطريق المواجهة الذي سلكه وشمر والد كابي ساعديه لتوكيل احد المحامين القديرين للدفاع عن اخيه غير انه فشل في مهمته هذه بسبب الاجواء المعادية لليهود التي كانت تسود في تلك الأيام وخشية إقتران اسم العراقي بالدفاع عن من كان يعتبرا خائنا لوطنه.

المشهد البغدادي في الناصرة

واجهت المخرج نسيم ديان عدة تحديات في إخراج الفيلم الذي إستغرقه 3 سنوات منها في موضوع اللغة وموضوع الحمام الذي لا يفهم اي لغة حسب تعبيره .كان عليه ايجاد ممثلين يتقنون اللهجتين وهو تحد لم يستطع إختراقه بصورة مطلقة. وكرس المخرج الذي كتب السيناريو إهتماما خاصا لبناء الحس الدرامي مما جعل الفلم يمر بسرعة على الرغم من ان طوله 105 دقائق . كذلك حرص على إستقدام ميزات العصر من ملبس وموضة وتسريحات الشعر لدى النساء اضافة الى الدشداشات الرجالية كانت مقنعة . وتم إستقدام قسم من السلع الفنية من الأردن وبغية خلق المشهد البغدادي شمل التصوير العديد من المواقع التي تم فيها تصوير المشاهد الخارجية مثل الأزقة والأسواق في مدينة عكا والناصرة ويافا التي كانت أقرب ما يمكن التوصل اليه إذا غضينا الطرف عن الحجر المستخدم في البناء بدلا من الطابوق البغدادي. كما برزت مجموعة من السيارات الأنيقة من الأربعينات اضفت على المشهد المزيد من المصداقية التاريخية. وتجولت الكاميرا في الاسواق والمقاهي لنتلتقي فيها بالتخت البغدادي المشهور وقامت الممثلة والمغنية القديرة ميرا عوض بأداء دور المطربة الشهيرة سليمة باشا التي شغف بها سلمان والد كابي وتأثر بفراقها على خلفية الأغنية  "قلبك صخر جلمود ما حن علي".

وفي عرض إحتفالي في أورشليم القدس في مبنى السينما سيتي الذي تم تدشينة في الأسابيع الأخيرة ، تم إطلاق الفيلم تحت رعاية رئيس الدولة شمعون بيرس، الذي ألقى كلمة اثنى فيها على هذه الباكورة الفنية  :" هذا فيلم مؤثر يمس بكل من يشاهده و هو نموذج للأفلام الإسرائيلية الناجحة. شعرت بالتوتر منذ بداية الفيلم وحتى نهايته في دراما تعكس حقبة في تاريخ الشعب اليهودي العريق وتصف التحديات التي واجهها يحدوه الأمل بالوصول الى ارض الأنبياء".

وعلى الرغم من أن الممثلين في الفيلم بأغلبهم غير محترفين فأنهم تماثلوا مع الشخصيات التي تقمصوها واصبحوا عراقيين بين عشية وضحاها. وبرز الممثل من اصول عراقية اوري غفريئيلي بشخصيته المتماسكة في دور مطير الحمام ، شخصية بسيطة لكن تتمتع بحكمة فائقة ، اعتبر الأحداث التي يشهدها يهود العراق بانه جو عاصف لابد أن يدأ قريبا ولذلك لم يكن يحبذ فكرة الرحيل. الذي يشكل به ابنه الشاب بانه كان من وشي بالخباز منشي ناؤر الذي كان يخبئ السلاح لديه في المخبز مما أفضى به الى حبل المشنقة بجوار حسقيل العماري الذي ظل متمسكا بايديلوجيته  الشيوعية لرفع شأن عامة الشعب على الرغم من خضوعه للتعذيب وفقدانه لزوجته الشابة راشيل، التي وجدت نفسها في معية العراقي المتنفذ الذي قدم للعائلة المساعدة وحاول إنقاذ زوجها من الموت. ويقول إيتان فايس ان هذا الفلم هو تكريم لثقافة يهود بابل الغنية من مأكل ولغة وعادات وتقاليد.

وقوبل الفيلم بمزيد من اللهفة والإستحسان من قبل الشتات العراقي والجمهور الإسرائيلي عموما . قالت تسيبي على صفحة الفيلم في موقع الإنترنت:" لقد أعادني الفيلم الى بيتي بكل معنى الكلمة. كل الإحترام لإيلي عمير الذي أعاد الى الحياة فصلا من فصول التاريخ العظيم تتجلى فيه اليهودية الليبرالية ووفائها لأرضها فيما أشعل وميض الصهيونية الحنين الى أرض الميعاد".

وتجدر الإشارة الى أن هذا الفيلم كان ثمرة تعاون بين عدد من رجال الأعمال الإسرائيليين ذوي أصول عراقية الذين ساهموا بسخاء في ميزانية الفيلم إضافة الى اصحاب سينما سيتي الأخوان إدري وصناديق تدعم الافلام الإسرائيلية. ومن المتوقع أن يعرض الفيلم في لندن في الشهر القادم.

watch?v=orwXsHuGzak

ليندا منوحينعبد العزيز كاتبة وداعية سلام في المجتمع المدني الإسرائيلي ، عراقية الاصل عضو المجلس الإداري في مركز التراث البابلي وشرق أوسط حكيم،تُعنى بتسليط الضوء على المشترك بين ابناء الشرق الأوسط

April 21, 2014
لا تعليقات

” مطير الحمام ” فيلم سينمائي جديد يعتمد بالدرجة الأولى على رواية الكاتب الإسرائيلي، عراقي الاصل إيلي عمير التي استغرقته كتابتها 13 عاما اجرى خلاها تحقيقا شافيا عن حياة يهود العراق عشية قيام دولة إسرائيل. ولاشك ان اكثر ما يميز هذا الفيلم أنه ينطق باللغة العربية سيما اللهجة البغدادية اليهودية واللهجة العامية العراقية.

يصور الفيلم الأجواء السياسية المتقلبة في العراق التي تركت بصماتها على الطائفة اليهودية في بغداد غداة الفرهود وعشية قيام دولة أسرائيل. يعكس الفلم قدر كبير من طابع المجتمع اليهودي الذي كان متاثرا بالمجتمع العربي المحيط به وبه تربطه به علاقات صداقة. تدور احداث الفيلم في العراق في نهاية الاربعينات ومطلع الخمسينات من القرن العشرين حيث إنقسم المجتمع اليهودي الى فئتين احداهما مناصرة للشيوعية والثانية للصهيونية . يظهر هذا الشرخ داخل عائلة كابي العماري ،بطل الفلم وهو شاب فتي في ال16 من العمر. عندما يتم توقيف عمه حسقيل العماري  الصحفي الشيوعي ، يأخذ على عاتقه مهمة التوصل الى مكان توقيفه ويتعاون مع افراد الحركة الصهيونية التي قامت بتزويد الشبيبة بالسلاح للتدريب عشية إندلاع الحرب في فلسطين .

بين المطرقة والسندان

تعيش عائلة كابي في عالم متناقض وعلاقات متنافرة فاليهود في العراق كانت  تربطهم علاقات حميمة بالمسلمين وبالثقافة العربية على حد سواء لكنها تعيش في أجواء يتملكها الخوف وتتهدها مخاوف  الطرد. وتتجلى هذه المعضلة لدى عائلة العماري حيث كانت نعيمة أم كابي ( تؤدي الدور اهوفا كيرين)إمرأة رزينة في بادئ الأمر غير متحمسة لموضوع الرحيل لكنها غيرت رأيها تدريجيا بعد أن تم القبض على إبنها  كابي ومحاولة استدراجه للإعتراف بنشاط الحركة الصهيونية. أما دور زوجها سلمان الخياط فقد قام بأدائه الممثل القدير يغئال ناؤر  الذي سبق وأن أدى دور صدام حسين في احدى مسلسلات ال بي بي سي

كان سلمان والد كابي خياطا ومتحمسا جدا للصهيونية بينما كانت زوجته نعيمة تفضل البقاء في أرض آبائها وأجدادها على مر الآف السنين. ويتم القبض على أخيه سلمان الذي كان صحفيا وشيوعيا ، ولم يتوان عن التحريض ضد الحكم الملكي متأثرا بالأفكار الشيوعية.وتبذل زوجته الشابة الجميلة راشيل  مساع حثيثة لتجد من يتوسط له للإفراج عنه. وكان أول من انخرط لمساعدتها كابي الشاب الذي كان مفتونا بجمالها ومستعدا للتضحية في سبيلها.  وبمساعدة احد الاصدقاء العراقيين المتنفذين تعد أم كابي وراشيل الأكلات العراقية اليهودية  التي  كانت محببة على نفس السجين الشيوعي ويتم إدخال كابي للقاء عمه السجين الذي لم يبد أي أسف على تنطريق المواجهة الذي سلكه وشمر والد كابي ساعديه لتوكيل احد المحامين القديرين للدفاع عن اخيه غير انه فشل في مهمته هذه بسبب الاجواء المعادية لليهود التي كانت تسود في تلك الأيام وخشية إقتران اسم العراقي بالدفاع عن من كان يعتبرا خائنا لوطنه.

المشهد البغدادي في الناصرة

واجهت المخرج نسيم ديان عدة تحديات في إخراج الفيلم الذي إستغرقه 3 سنوات منها في موضوع اللغة وموضوع الحمام الذي لا يفهم اي لغة حسب تعبيره .كان عليه ايجاد ممثلين يتقنون اللهجتين وهو تحد لم يستطع إختراقه بصورة مطلقة. وكرس المخرج الذي كتب السيناريو إهتماما خاصا لبناء الحس الدرامي مما جعل الفلم يمر بسرعة على الرغم من ان طوله 105 دقائق . كذلك حرص على إستقدام ميزات العصر من ملبس وموضة وتسريحات الشعر لدى النساء اضافة الى الدشداشات الرجالية كانت مقنعة . وتم إستقدام قسم من السلع الفنية من الأردن وبغية خلق المشهد البغدادي شمل التصوير العديد من المواقع التي تم فيها تصوير المشاهد الخارجية مثل الأزقة والأسواق في مدينة عكا والناصرة ويافا التي كانت أقرب ما يمكن التوصل اليه إذا غضينا الطرف عن الحجر المستخدم في البناء بدلا من الطابوق البغدادي. كما برزت مجموعة من السيارات الأنيقة من الأربعينات اضفت على المشهد المزيد من المصداقية التاريخية. وتجولت الكاميرا في الاسواق والمقاهي لنتلتقي فيها بالتخت البغدادي المشهور وقامت الممثلة والمغنية القديرة ميرا عوض بأداء دور المطربة الشهيرة سليمة باشا التي شغف بها سلمان والد كابي وتأثر بفراقها على خلفية الأغنية  “قلبك صخر جلمود ما حن علي”.

وفي عرض إحتفالي في أورشليم القدس في مبنى السينما سيتي الذي تم تدشينة في الأسابيع الأخيرة ، تم إطلاق الفيلم تحت رعاية رئيس الدولة شمعون بيرس، الذي ألقى كلمة اثنى فيها على هذه الباكورة الفنية  :” هذا فيلم مؤثر يمس بكل من يشاهده و هو نموذج للأفلام الإسرائيلية الناجحة. شعرت بالتوتر منذ بداية الفيلم وحتى نهايته في دراما تعكس حقبة في تاريخ الشعب اليهودي العريق وتصف التحديات التي واجهها يحدوه الأمل بالوصول الى ارض الأنبياء”.

وعلى الرغم من أن الممثلين في الفيلم بأغلبهم غير محترفين فأنهم تماثلوا مع الشخصيات التي تقمصوها واصبحوا عراقيين بين عشية وضحاها. وبرز الممثل من اصول عراقية اوري غفريئيلي بشخصيته المتماسكة في دور مطير الحمام ، شخصية بسيطة لكن تتمتع بحكمة فائقة ، اعتبر الأحداث التي يشهدها يهود العراق بانه جو عاصف لابد أن يدأ قريبا ولذلك لم يكن يحبذ فكرة الرحيل. الذي يشكل به ابنه الشاب بانه كان من وشي بالخباز منشي ناؤر الذي كان يخبئ السلاح لديه في المخبز مما أفضى به الى حبل المشنقة بجوار حسقيل العماري الذي ظل متمسكا بايديلوجيته  الشيوعية لرفع شأن عامة الشعب على الرغم من خضوعه للتعذيب وفقدانه لزوجته الشابة راشيل، التي وجدت نفسها في معية العراقي المتنفذ الذي قدم للعائلة المساعدة وحاول إنقاذ زوجها من الموت. ويقول إيتان فايس ان هذا الفلم هو تكريم لثقافة يهود بابل الغنية من مأكل ولغة وعادات وتقاليد.

وقوبل الفيلم بمزيد من اللهفة والإستحسان من قبل الشتات العراقي والجمهور الإسرائيلي عموما . قالت تسيبي على صفحة الفيلم في موقع الإنترنت:” لقد أعادني الفيلم الى بيتي بكل معنى الكلمة. كل الإحترام لإيلي عمير الذي أعاد الى الحياة فصلا من فصول التاريخ العظيم تتجلى فيه اليهودية الليبرالية ووفائها لأرضها فيما أشعل وميض الصهيونية الحنين الى أرض الميعاد”.

وتجدر الإشارة الى أن هذا الفيلم كان ثمرة تعاون بين عدد من رجال الأعمال الإسرائيليين ذوي أصول عراقية الذين ساهموا بسخاء في ميزانية الفيلم إضافة الى اصحاب سينما سيتي الأخوان إدري وصناديق تدعم الافلام الإسرائيلية. ومن المتوقع أن يعرض الفيلم في لندن في الشهر القادم.

watch?v=orwXsHuGzak

ليندا منوحينعبد العزيز كاتبة وداعية سلام في المجتمع المدني الإسرائيلي ، عراقية الاصل عضو المجلس الإداري في مركز التراث البابلي وشرق أوسط حكيم،تُعنى بتسليط الضوء على المشترك بين ابناء الشرق الأوسط