جوزيف شوع

جوزيف شوع - Joseph Shoua

جوزيف شوع هو جزء من ذلك الجيل الذي يتذكر العراق جيداً. ولد في عام 1927 ولم يترك البلاد حتى عام 1951 عندما كان في سن الرابعة والعشرين.
ويقول، “كنتَ تشعر بهذه الفرحة الكبيرة خلال فترة الأعياد. في العراق كنا [نحن اليهود] متحدين دائماً”.
كان العراق الذي يتذكره شوع جيداً ورهيباً على حد سواء. ففي حين كان يحب وحدة اليهود البغداديين كان حذراً أيضاً من جيرانه العرب.
وعندما كان شوع في الرابعة عشر من عمره جاءت إليه مجموعة من الفتيان المسلمين وسألته عما إذا كان مسلماً. قال نعم. فطلب منه الفتيان أن يسمعهم تلاوة لصلاة من القرآن الكريم. فحاول شوع لكنه فشل فانهال عليه الفتيان بالضرب.
ولكن مرت عدة سنوات قبل انفجار تلك الكراهية — التي رآها في تصرف أولئك الفتيان الثلاثة — ضد المجتمع اليهودي في بغداد. ويقول أنه رأى الشارع مليئاً بالجثث من نافذة أحد الجيران. كان ذلك خلال حادثة الفرهود عام 1941.
لقد جاء من عائلة كبيرة، وكان الرابع من بين ثمانية أطفال ومقرباً جداً من والدته. وعندما كان شاباً عمل في متجر للألكترونيات يملكه شقيق زوجته. ولكن عندما طُرد اليهود فَقَد وظيفته، وهو الأمر بالنسبة لشقيق زوجته الذي فقد متجره. واضطر شوع، مثل آخرين كثيرين، إلى مغادرة العراق وسُمح له بأخذ 50 دينار فقط.
وسافر شوع من العراق إلى قبرص مع شقيقه الأصغر ووالدته. وانفصلت والدة شوع عن أبيه. ومن قبرص ذهبوا إلى حيفا. وعاشوا في خيمة المدينة لمدة عامين.
ويقول شوع، “لم أُعجب بإسرائيل كثيراً حيث لم أتمكن من العثور على العمل الذي كنت أرغب فيه. واضطررت إلى العمل في مخبز لمدة عشرين ساعة في اليوم. ولكن كان علي توفير ما يلزم لمعيشة والدتي. كان علينا الحصول على رمق العيش فلم يهمني شيئاً”.
بعد ذلك نُقلوا إلى ” پاحونيم” أو منازل جاهزة من الألومنيوم في مدينة حولون خارج تل أبيب. وعمل شوع كرسول في مدرسة للأطفال المتخلفين عقلياً. وفي حين كان يحب الأطفال، لم يكن متحمساً جداُ للعمل في تلك الوظيفة.
ليس لديه ذكريات جميلة كثيرة من الفترة التي قضاها في المخيم، باستثناء وجود العديد من العراقيين الذين كان يعرف الكثير منهم من بلده العراق. لكنه يقول أنهم لم يتحدثوا كثيراُ في الليل، فقد كانت تلك الحياة كئيبة.
ويقول، “شعرنا بأننا قد تُركنا لوحدنا. هذا كل ما تحدثنا عنه”.
ولكنه شعر بالطمأنينة من دراسة اللغة العبرية التي تعلمها في المخيم من شوشانا أربيلي التي أصبحت في وقت لاحق وزيرة الصحة الإسرائيلية.
وفي السنوات التي تلت حصول عائلته على منزل، عمل شوع مع الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية حيث كان مسؤولاً عن شراء اللوازم للمدارس العربية.
ويقول، “لقد كانت لي علاقة حسنة مع العرب. إذا كنتَ تستطيع التحدث معهم باللغة العربية كانوا يعتقدون أنك من دين القرآن”.
وأمضى شوع خمسة عشر عاماً في إسرائيل قبل مجيئه إلى نيويورك حيث عمل صبياً لحمل البضائع في إحدى المخازن. وبحلول عام 1972 سافر غرباً إلى سان فرانسيسكو، وافتتح فيها محلين لبيع الهدايا وتقاعد في عام 1983.
وقبل عامين أصبح شوع غاضباً من قيام أعمال العنف في العراق. وقال إن ذلك يشبه “نهاية العالم”. فقام بكتابة منشورات باللغة العربية تقول بأن أعمال قتل كتلك التي كانت تجري في العراق غير مذكورة في القرآن. وأخذ كومة المنشورات إلى المسجد عندما كان الناس يصلون ووجوههم نحو الحائط، وتركها على الأرض وولّى هارباً.
ويقوم بكل هذه الأعمال كمساهمة قليلة من جانبه لمساعدة الإنسانية.
ويقول، “كل شخص يستطيع أن يغير العالم”. لكنه لا يزال يشعر بالقلق.
ويقول شوع إنه سيعود لزيارة العراق عندما لا تكون هناك أعمال عنف وتفرقة عرقية.
ويضيف، “كانت لدينا نشاطات هناك. كنا نذهب إلى الشاطئ ونأكل السمك حتى ساعة متأخرة من الليل. ليس لديك ذلك هنا. ”
ولكن أكثر من الرغبة في أكل الأسماك على شاطئ النهر، كان التماسك والانسجام هما اللذان لم يشعر بهما شوع قط في أي مكان آخر. وبالنسبة له فقد اختفى ذلك نوعاً ما.
ويقول، “كنا حقاً يهود بالدم والجلد”.
وهذا الرجل الأعزب البالغ من العمر 78 عاماً يعيش حالياً في سان فرانسيسكو. وقد أنهى مؤخراً تنقيح كتابه باللغة العربية يتناول فيه 40 موضوعاً، بما في ذلك أسئلة عن معنى الأمل والحب والإنسانية. يأمل أن يُنشر قريباً.