الماضي والحاضر
يعود وجود اليهود الأوائل في تونس إلى القرن الرابع الميلادي. وفي القرن الخامس ازداد عددهم وازدهروا بصورة كبيرة لدرجة أن “مجلس الكنائس الأفريقية” سن قيوداً صارمة على اليهود لتقليل نفوذهم.
وفي عام ۵۳۴، اعتُبر اليهود كفاراً وواجهوا الاضطهاد. وطوال تاريخهم، واجه يهود تونس عصوراً عوملوا خلالها معاملة طيبة ولكن تضمنتها أيضاً عصوراً أخرى عانوا خلالها من معاداة السامية والتمييز.
وفي عام ۱۴۹۲ عندما أجبرت محاكم التفتيش الاسبانية اليهود على الفرار من اسبانيا إلى الدول المجاورة، لم يهاجر سوى عدد قليل منهم إلى تونس بسبب الظروف القاسية التي عاشها اليهود التونسيون في ذلك الحين. وفي عام ۱۸۵۵ قام محمد الباي بإعدام يهودي يدعى بطو سفوز. وسبّبَ ذلك الحادث ضجة في أوساط اليهود. وبعد أن جرت مفاوضات دبلوماسية مع الحكومة الفرنسية استغرقت عامين استجابت الأخيرة في النهاية ومنحت اليهود حقوقاً متساوية. ولم يكن ذلك نصراً للشعب اليهودي فحسب، حيث سئمت الحكومة التونسية أيضاً من استمرار تدخلها في شؤون اليهود.
وفي عام ۱۹۴۰ قامت حكومة فيشي – مجاراة للأفكار النازية – بتنفيذ قوانين معادية للسامية. وبحلول عام ۱۹۴۲، كان النازيون قد احتلوا تونس. وقبل الحرب العالمية الثانية كان هناك ۱۰۰۰۰۰ يهودي يعيشون في البلاد. وقام النازيون بإرسال أكثر من ۵۰۰۰ يهودي إلى معسكرات العمل، وطالبوا اليهود بارتداء نجمة داود الصفراء، وأجبروهم على دفع الغرامات وصادروا ممتلكاتهم. وفي عام ۱۹۵۶ حصل التونسيون على استقلالهم وألغوا على الفور “مجلس الجالية اليهودية” ودمروا العديد من المناطق اليهودية لغرض “التجديد الحضري”. ونتيجة لذلك، شعر العديد من اليهود بأنه مجبرون على مغادرة تونس.
و في أعقاب “حرب بنزرت” عام ۱۹۶۱ وحرب الأيام الستة عام ۱۹۶۷، تصاعدت موجة معاداة السامية ضد اليهود واتهموا بأنهم غير وطنيين، وهو ما تسبب للعديد منهم بمغادرة تونس إلى فرنسا أو إسرائيل. وبحلول عام ۱۹۶۷ لم يكن هناك سوى ۲۰۰۰۰ يهودي في البلاد. و يبلغ عدد السكان اليهود في تونس اليوم حوالي ۱۱۰۰ شخص تقريباً.