نسيم حاموي

نسيم حاموي - Nessim Hamaoui

كان نسيم حاموي يعلم بأنه ليس هناك أي مستقبل له في مصر. أراد أن يلتحق بالجامعة في القاهرة. وقد أخبره معلمه بأن عليه أن يغير إسمه من ديفيد إلى داود لكي يتأكد من قبوله، لأن ديفيد هو إسم يهودي إلى حد كبير. وكان ذلك كافياً لكي يتخذ ديفيد قراراً. وهكذا وكرجل شاب قرر ديفيد مغادرة البلاد في عام 1962.

ويقول، “كنت نائماً وسمعت دقة قوية على الباب”. كان ذلك في عام 1948 عندما كان في السادسة من عمره. فقد جاءت الشرطة السرية المصرية [“المخابرات”] للتفتيش في منزل أسرته في القاهرة. “كان هناك نصف دزينة منهم. كنا جميعا خائفين وخاصة والدي الذي كان مذعوراً أكثر من الآخرين. أتذكر وجهه الذي كان أبيضاً كالجدار من ورائه”.

وفي الأيام التي سبقت ذلك، كان المنزل مليئاً بالاحتفالات في أعقاب خطوبة روزيت، شقيقة ديفيد. وكان أحد الجيران قد أخبر الشرطة السرية بأن عائلة ديفيد كانت تعقد اجتماعات صهيونية وجاءت الشرطة في الليل للبحث عن أدلة وأسلحة.

ويقول ديفيد أنهم قلبوا المنزل رأسا على عقب وفتشوا كافة أغراضه. ومزقوا المفارش كل واحدة إلى قطعتين، وأخذوا محتويات الأدراج في الوقت الذي جلست فيه الأسرة على الأريكة.

وفي صباح اليوم نفسه أصيب والد ديفيد بنوبة قلبية. ويعتقد ديفيد أن وطأة أعمال التفتيش هي التي سببت في حدوثها. ويقول، “والدي كان رجلاً قوياً جداً.” وعلى مدى السنوات الأربع المقبلة، لم يتمتع والد ديفيد — صاحب شركة لصناعة النسيج ومتعهد عقارات — بصحة جيدة بسبب قلبه إلى أن وافته المنية وهو في سن الثامنة والأربعين.

ويقول ديفيد، “كيهودي في القاهرة أثناء نشوب الثورة في تموز/يوليو عام 1952، أتذكر أيضاً عندما غطى الدخان سماء العاصمة المصرية”. كان ذلك في الأيام التي أعقبت ترحيل الملك فاروق إلى ايطاليا وسيطرة ناصر على مقاليد الحكم. “كان والدي قد وافته المنية قبل بضعة أشهر من قيام الثورة، وكنا وحدنا مع والدتي. لم نكن نعرف ما الذي سيكون مصيرنا مع عبد الناصر. كنا نعلم أنه كان معادياً لإسرائيل ومعادياً لليهود. فلذا كنا خائفين جداً”.

وعندما اندلعت “حرب السويس” في عام 1956، اختبأ ديفيد وعائلته في المناطق الريفية خارج القاهرة. ويتذكر هدير الطائرات ودوي المدافع المضادة للطائرات. يتذكر انه اختبأ تحت السرير. وساعد في طلي المصابيح باللون الأزرق لكي لا تتمكن الطائرات من رؤية المنزل. وخلال نفس الفترة بدأ ناصر بترحيل اليهود وتأميم جميع ممتلكاتهم. واضطرت شقيقة ديفيد وزوجها إلى مغادرة البلاد. وسافروا على متن الطائرة الأولى التي غادرت مصر وفي حوزتهم 20 جنيه مصري، وأُغلقت حساباتهم المصرفية، وهُجر منزلهم.

ولم تصاب أسرة ديفيد بأذى. “كانت والدتي أرملة ولديها أطفال صغار. لم يفكرون بأننا نشكل تهديداُ”.

وفي عام 1962، عندما غادر ديفيد البلاد، كان مرتبكاً. “لم أكن أعرف ما الذي كنت أفكره”، وذهب أولاً إلى فرنسا حيث استقبلته “جمعية حماية المهاجر اليهودي” (هياس). “لقد أُرسلوا من الله”، كما يقول.