ريمي و جو پيساح

ريمي و جو پيساح - Remy & Joe Pessah

كان جو يبكي. فقد كان هناك عشاق آخرون لـ ‘حبيبته من الطفولة’، ريمي، ولم يستطيع تحمل ذلك. وجاءت إليه والدته قائلة: “إذا كانت تحبك حقاً فسوف تنتظرك”.

في ذلك الوقت، كان جو يدرس الهندسة الكهربائية في القاهرة ولم تكن لديه الموارد المالية لكي يتزوج ريمي. فذهبت والدته إلى شقة عائلة ريمي في وسط القاهرة للتحدث إلى والدة ريمي. وكانت ريمي ستنتظر مهما كان الأمر.

لقد التقيا في عام 1960، عندما كانت في الرابعة عشر من عمرها، وهو في السابعة عشر. وكانت ريمي تذهب إلى الكنيس بعد المدرسة لدراسة اللغة العبرية. وكان جو معلمها.

“كان ذلك حب من بعيد”، كما تقول. “وفي مرحلة ما اعترفنا بأننا حقاً نحب بعضنا البعض، لكننا لم نتمكن من أن نلتقي لوحدنا، لذلك كان يرافقنا دائماً شخص ما كوصي”.

وتطور الحب بينهما لمدة دامت ست سنوات حتى تمت خطوبتهما في عام 1966. وفي حين حلمت ريمي عن مستقبلهما المشترك، أل أنه كانت هناك قوى أكبر ستغير قصتهما إلى الأبد.

وتقول، “في عام 1967 اندلعت الحرب وتحطمت جميع أحلامي”.

كان الرئيس المصري عبد الناصر قد حشد قواته في سيناء وأغلق خليج العقبة. وردت إسرائيل على ذلك وفي غضون ثلاثة أيام دفعت القوات الاسرائيلية المصريين إلى الوراء واحتلت سيناء. وبحلول 10 حزيران/يونيو 1967، وبعد ستة أيام من بدء الحرب، انتهت الأعمال القتالية.

ولكن الأوقات العصيبة بالنسبة لليهود المصريين كانت مجرد في بدايتها.

وقام ناصر باعتقال جميع الرجال اليهود بين سن الثامنة عشر والخامسة والستين وإرسالهم إلى معسكرات الأسر. وتقول ريمي “كل بيت عانى من ذلك”.

وعلى الرغم من أن والدها كان طاعناً في السن واخوتها الأكبر سناً كانوا خارج البلاد، فمع ذلك، تأثرت ريمي بالتطورات. فقد قامت السلطات المصرية باعتقال والد جو وعمه وسط تطاير القنابل أثناء حرب الأيام الستة وزجت بهما في سجن أبو زعبل. وبعد شهر واحد جاؤوا لاعتقال جو.

وكان مصيره أسوأ من ذلك الذي عانه والده، حيث أن أحد زملائه في الجامعة اتهمه هو وأفضل صديق له رولاند غويل بأنهما جاسوسين. وبدافع الغيرة بسبب مركز الطالبين كرائدين في الصف، أُدينا من قبل طالب يدعى حسن.

وفي منزل جو، فتش المصريون في ممتلكاته ووجدوا أسلاكاً وصواعق كان يستخدمها لمشاريع الهندسة الكهربائية. وأخذوها كدليل على أنه كان جاسوساً وجلبوا جو وشقيقه وابن عمه إلى أبو زعبل.

وذهبت ريمي إلى الكنيس في اليوم التالي. وكان ابن عمه هناك وقال لها بأن جو قد اعتُقل.

وتقول ريمي، “مررت بفترة من الإكتئاب الشديد. كنت متركزة جداً في دراستي في جامعة القاهرة للحفاظ على صحتي العقلية. فكل أسبوع كنا نسمع شائعات بأنه سيتم الإفراج عنهم. كنت أنتظر وأنتظر ولم يحدث شيئاً.”

ومرت ستة أشهر قبل أن تستلم بطاقة بريدية طُلب فيها إرسال زوجين من الملابس الداخلية إلى عنوان معين. وتضيف، “لقد كان ذلك مصدر ارتياح لمجرد معرفتنا بأنهم على قيد الحياة”.

وبعد مرور ثمانية أشهر سنحت لريمي الفرصة لرؤية الرجل الذي كانت تنوي قضاء حياتها معه. وسافرت ساعتين ونصف الساعة لرؤيته وراء قضبان أبو زعبل لمدة خمس دقائق.

“كانت رؤيته للمرة الأولى حزينة، فقد تغير. كان شعره قصير جداً… كان من الصعب جداً رؤيته في تلك الحالة”.

وبحلول عام 1968، وبعد سنة واحدة من حبسه كان باستطاعتهما رؤية بعضهما البعض مرة واحدة في الشهر. وعندما نُقل إلى “طره”، معسكر سجن آخر، كان بإمكانهما رؤية بعضهما البعض مرة واحدة كل أسبوعين ولمدة خمس دقائق، وفي وقت لاحق لمدة عشر دقائق.

وفي إحدى الأيام في عام 1970 جاء والد ريمي إليها وقال: “ريمي … لدي أخبار سارة، سوف يتم الإفراج عن جو”.

“كفى، يا أبي، لا أريد تأملات بعد الآن. لا أريد أن أصدق لكي أصاب بخيبة أمل بعد ذلك”.
فقال لها والدها بأن تثق به. وبما أنها كانت لا تزال متشككة فذهبت إلى مكتب الأمم المتحدة، وتحدثت هناك مع أحد المسؤولين الذي أكد النبأ السعيد.

لقد كان سيتم ترحيل جميع اليهود المسجونين مع عائلاتهم. لكن ريمي وجو لم يكونا متزوجان. فأتوا بحاخام إلى السجن، وتزوجا هناك.

حول زواجها تقول: “هكذا كل ما كان، فهو ذهب إلى زنزانته، وأنا عدت إلى بيتي.”

وفي يوم الاثنين 21 حزيران/يونيو، 1970 أُفرج عن جو وأُرسل على الفور إلى المطار. لم يستطع التوقف لرؤية بيته مرة أخرى أو لأخذ ملابسه. أما ريمي فكانت لها رحلة [مقررة] ليوم الخميس لكنها ذهبت إلى المطار لرؤية جو.

ولم تتمكن من التقرب إليه لكنها صرخت باتجاهه من مسافة بعيدة بينما كان يسير على طول المدرج.

وقالت، “أنا قادمة يوم الخميس”.

وأدار جو وجهه وأشار بثلاثة أصابع. “ثلاثة أيام؟ قضيتُ ثلاث سنوات في السجن وأنتي تمنحيني ثلاثة أيام من الحرية”.

ومن منزلها في لوس ألتوس، تضحك ريمي. “أردت أن أرمي قنبلة على رأسه”.

وعلى الرغم من الزمن [الذي قضاه أبناء عائلتها في السجن]، والألم والخوف الذي رافق ذلك — كانت والدة جو محقة كل الوقت.

فبعد لم شمل العائلة سكنوا جميعاً في باريس لمدة ستة أشهر قبل انتقالهم إلى الولايات المتحدة.