سامي عنبر

Sami Anbar

أنا مصري من الجيل الثالث الذي جاءت عائلته في الأصل من العراق. لقد كانت الحياة في مصر رائعة حتى نشوب الحرب مع إسرائيل في عام 1948. فقد تم القبض على ألفين من الرجال اليهود المصريين الأبرياء وأرسلوا إلى معسكر سجن (الطور) في صحراء سيناء. وأصبح من الصعب على اليهود الحصول على تصريح للسفر إلى الخارج كما من المستحيل عليهم الحصول على وظائف إلا إذا كانت لهم أعمال خاصة بهم. ولم يعد مسموحاً للشركات المملوكة لليهود بالقيام بأعمال تجارية مع الحكومة المصرية.

في 1 تموز/يوليو عام 1956، غادرتُ مع والدتي وأختي ليلى لقضاء عطلة في سويسرا، في حين سافر والدي إلى مونتريال. وخلال تلك الفترة، اندلعت الحرب بين مصر وإسرائيل. وقامت الحكومة المصرية بمصادرة أعمالنا وشقتنا وسيارتنا. فقد كانت عائلتنا من ضمن قائمة من اليهود الذين اتهموا “بامتصاص دماء مصر”. وفي حوالي شهر أيلول/سبتمبر عام 1956، اقتحم أربعة رجال يرتدون الزي العسكري مكتب جدي وطلبوا منه التوقيع على ورقة يقول فيها بأنه يمنح عمله التجاري وممتلكاته إلى الحكومة المصرية. وعندما سأل لماذا سحب أحد الجنود مسدس من حزامه، ووجهه نحو جبين جدي. “لأنك صهيوني”. ووقع جدي. ونُصحنا بعدم العودة إلى مصر لذلك بقينا أنا ووالدتي وشقيقتي في فيينا، النمسا، لمدة عامين في غرفة صغيرة مع سرير واحد في بيت للضيافة.

وفي مطلع عام 1957 قرر والدي العودة إلى مصر، حيث أصبح الوضع هادئاً نوعا ما. وقررت الحكومة المصرية إعادة بعض الأعمال والشركات التجارية، ولكن كان على اليهود دفع ضريبة تعادل 10 ٪ من قيمة جميع أصولهم لاسترجاع كل شيء. وفي عام 1958 توفي جدي كرجل محطم القلب. وعندئذ قرر والدي الرحيل. ولكن اليهود الذين كانوا قد استرجعوا أعمالهم لم يتمكنوا من مغادرة مصر دون إبقاء بعض أعضاء أسرتهم كرهائن في البلاد. ولكن بما أن والدي كان ذات مرة قد عمل الجميل لأحد أقرباء مسؤول رفيع المستوى، فقد تمكن من الحصول على تصريح للسفر في رحلة عمل.

وانتقل والديّ إلى ميلانو، ايطاليا، والتحقنا أنا وشقيقتي في مدرسة في بريطانيا. وفي عام 1959 رفضت القنصلية المصرية في ميلانو تجديد جوازات سفرنا المصرية لفترة تتجاوز عن ستة أشهر. فأصبحنا مواطنين نمساويين.