سارة عيدين

Sara Eden

لم نفر من اليمن

بنيامين يوفي – والت / ذي ميديا ​​لاين
السابع والعشرين من أيلول/سبتمبر 2010 – 02:58

قبل 60 عاماً، قامت دولة إسرائيل التي كان عمرها عامين آنذاك بـ “عملية البساط السحري” لجلب عشرات الآلاف من اليهود اليمنيين إلى إسرائيل. وكانت سارة عيدين إحدى أولئك القادمين.

وتتذكر سارة عيدين معظم طفولتها في اليمن باعتزاز.

ولدت سارة عيدين في وقت ما في عام 1927 أو 1928 ليوسف وسعيدة عيدين. وقضت السنوات الخمس الأولى من حياتها في وادي جميل بجوار “جبل بني حجاج”، جنوب اليمن.

وتتذكر سارة، “لقد كانت طفولة سعيدة، لكن من الناحية الاقتصادية كان الوضع صعباً وكان هناك هناء في الحياة، حتى لو لم يكن لديكَ أي شيء كنتَ سعيداً… كان والدي يحب الغناء والرقص، وأتذكر كيف كنا نمسك أيادي بعضنا البعض، ونرقص سوية. ”

وبعد خمس سنوات انتقلت العائلة شمالاً إلى قرية صغيرة تدعى “حسنين” على بعد حوالي 19 كيلومتر، أو كما تقول عيدين “مسيرة خمس ساعات” شرق صنعاء، عاصمة اليمن.

وتتذكر بأن “الجبل كان جميلاً جداً. كنا نتمكن من رؤية الكثير من القرى وكان الوادي مليئاً بالماء.

وتقول عيدين، “عندما وصلت إلى سن الخامسة كنت أقوم بالفعل بمساعدة والدتي، وكنا سوية نساعد والدي في عمل اللبنات. كان والدي يوسف معماري موهوب حيث كان يحفر الصهاريج أيضاً.”

وتقول كذلك، “في إحدى الأيام ذهب والدي إلى السوق وكان هناك شيخ غني جداً يسأل إذا كان هناك أي شخص يعرف يهودياً يستطيع القيام بأعمال البناء. لقد أراد الشيخ ترميم قصر بُني قبل 100 عام من أجل صيانته، ولكن لم يكن هناك أي عربي مستعد للقيام بذلك لأنه كان مبنى قديم جداً.”

وتضيف، “والدي لم يكن خائفاً وتولى القيام بذلك العمل.”

“كان ذلك قصر جميل، وفي النهاية سمح لنا الشيخ بالعيش في القصر لمدة ست أو سبع سنوات.”

وتقول عيدين، “عندما كنت في التاسعة أو في العاشرة من عمري، أُصيب والديَ بالحمى. وفي إحدى الأيام كنت أنتظر عودة والدتي إلى المنزل، لأن الوقت كان متأخراً قبل حلول ليلة السبت.”

وتتذكر، “في النهاية عادت إلى البيت، وقالت ‘أنا مريضة، وسأموت’. كان ذلك بعد خمسة أشهر من ولادة شقيقي الأصغر، وتوفي الطفل في نهاية المطاف لعدم تمكن والدتي من رضاعته بصورة طبيعية.”

“وتوفيت والدتي وكان من الصعب عليّ جداً القيام بوحدي بأعمال المنزل بأكمله”.

وعندما بلغت عيدين سن السادسة عشر تزوجت من يحيى، وكان ذلك في عيد المساخر.

وتقول “تزوجت ابن عمي، بينما تزوجت أخته أخي الأكبر”.

وعلى عكس الرواية السائدة عن اليهود اليمنيين الإسرائيليين، تقول عيدين أن علاقات الأسرة مع جيرانها العرب كانت ودية.

وكما تقول “كانت لدينا علاقات جيدة مع العرب. لم تكن هناك مشاكل على الإطلاق. لم يسيؤوا لنا مطلقاً. وعلى العكس من ذلك، فقد تعاركوا دائماً لحماية اليهود والدفاع عنهم.

وتتذكر عيدين “على سبيل المثال، عندما كانت جدتي أرملة وأم لأربعة أطفال صغار، كانت تقلق من أن يتم أسلمة أولادها. ولكن في كل مكان ذهبتْ إليه كانت تطلب من جيرانها حماية أطفالها وفعلوا ذلك.”

وتقول عيدين أنه خلال معظم طفولتها، كان الذهاب إلى أرض إسرائيل حلماً بعيد المنال.

“كانت لأمي أسرة في فلسطين، وكانوا يبعثون رسائل”، تقول عيدين بعرضها عدد قليل من الرسائل التي لا تزال تحفظها في ألبوم واسع يحوي على تذكارات. “كانت تأتي رسالة ويحتشد حولها 15 شخصاً”.

وتضيف عيدين “لم نفر من اليمن، ولم يكن الموضوع حول الثروة الاحتمالية”.

“كان مصدر الانجذاب إلى فلسطين الأيديولوجية الدينية. لم نسمع عن إسرائيل إلا عن طريق الصلاة. لم تكن لدينا فكرة ما الذي كان هناك.”

“الناس أرادوا الذهاب إلى فلسطين ولكن لم يمتلكوا مالاً، لذلك كان معظمهم في الحقيقة من الأغنياء”، كما تقول. “وعادة ما كانت والدتي تسافر إلى صنعاء وتسأل الحاخام، ‘متى نتمكن من الذهاب إلى إسرائيل؟’ وكان يقول لها ‘هنا الباب، وسيأتي يومك’.” وتروي عيدين “في عام 1942، وصل ابن عم أمي وأخبرنا أن جميع أقربائنا في المطار، وأن جدتي على استعداد لأن تأخذ معها جميع أطفالها إلى فلسطين. كان علينا أن ندفع بعض المال للوصول إلى عدن وكان من المفترض أن يقوم عمي الغني الذي كان سيغادر معنا أيضاً، بدفع ثمن السفر. لكنه قال إنه سيعطي المال فقط إذا وافق والدي أن يزوّجني من ابن عمه البالغ من العمر 25 عاماً.

“كان هناك شجار وفي النهاية لم نذهب إلى فلسطين.”

وتقول، “لم ننس أبداً ما فعلوه لنا في ذلك الحين. فقد تركتنا جدتي وجميع أفراد العائلة وحدنا في اليمن.

“ولا يزال هناك توتر قائم بيننا حتى يومنا هذا.”

وبعد مرور خمس سنوات، في أعقاب اقتراح الأمم المتحدة تقسيم فلسطين، وقعت عدد من الهجمات ضد اليهود في اليمن. وبعد أيام من الإعلان عن خطة الأمم المتحدة اتُهم اليهود في عدن بقتل فتاتين واندلعت أعمال عنف ضد اليهود في مدينة الميناء الرئيسية في اليمن. وقُتل حوالي 82 يهودي، وسُلب 106 متجر من المتاجر اليهودية الـ 170 في المدينة، وأُشعلت النيران في أربع معابد يهودية وتم حرقها تماماً كما حُرق أو نُهب أكثر من 200 بيت يهودي.

وتقول عيدين، “لم يكن هناك راديو أو صحيفة تُخبرك عن وقوع أي مشاكل أو مذابح. فلم نكن نعرف حتى عن ذلك، وهكذا كان كل شيء يبدو هادئاً بالنسبة لنا. ولكن الناس الذين جاءوا إلى صنعاء كانوا يجلبون الأخبار، وهكذا فبعد عام واحد سمعنا عن قيام دولة إسرائيل”.

وفي أعقاب أعمال الشغب التي وقعت في عدن وتشكيل الدولة اليهودية، استنفرت إسرائيل طاقتها البشرية بصورة سريعة لتسهيل الهجرة الفورية لجميع أفراد الجالية اليهودية في اليمن.

وتتذكر عيدين، “في إحدى الأيام سمعنا أن بعض اليهود قد وصولوا إلى إسرائيل وأن جميع أبناء الجالية اليهودية يغادرون اليمن. عدنا إلى القرية لبيع منزلنا، وأخذ غذاء للرحلة وكان علينا الانتظار إلى أن تلد زوجة أخي.

“ثم سرنا خمس ساعات إلى صنعاء، وانتظرنا هناك ثلاثة أشهر لكي نركب شاحنة بضائع ونسافر بها إلى عدن.”

وتضيف، “في الطريق إلى عدن كانوا يوقفوننا ويفتشون مقدار المال الذي كان في حوزة كل شخص. وكانت لشقيقتي رقعة على عينها وفتشوا حتى داخل تلك الرقعة بحثاً عن المال! وفي كل حاجز كانوا يأخذون 10 في المائة مما كان بحوزتكَ، وكانت هناك عدة نقاط تفتيش على طول الطريق.”

وتقول، “عندما وصلنا إلى عدن تم تسجيلنا”، في إشارة إلى أولئك الموجودين على الساحة الذين يديرون عملية الهجرة. “أخذوا صورة لكل واحد منا. إنها الصورة الأولى التي أُخذت لي”.

إن العملية الدولية، التي أطلق عليها رسمياً اسم “عملية على أجنحة النسور” ولكن المعروفة بصورة أكثر بالكنية “عملية السجاد السحري”، أصبحت أول هجرة شاملة بعد تأسيس دولة إسرائيل.

وخلال فترة دامت 15 شهراً تم نقل ما يقرب من 49000 من اليهود اليمنيين جواً في 380 رحلة على متن طائرات أمريكية وبريطانية من عدن إلى إسرائيل.

وتحدث الكثير من اليهود اليمنيين الذين وصلوا إلى إسرائيل في “عملية البساط السحري” عن اللحظة التي شاهدوا فيها طائرة للمرة الاولى في حياتهم.

وتتذكر عيدين “نظرنا إلى الطائرة واكتفينا بالقول: ‘الله في عوننا’. في الماضي كان هناك بعض الناس الذين قالوا إرموا مالكم ومجوهراتكم وإلا لن تكون الطائرة قادرة على الطيران، وهكذا رمى البعض منهم أموالهم بمجرد صعودهم على متن الطائرة.”

“وعندما كنا في الطائرة فوق إسرائيل ورأينا جميع تلك المنازل الصغيرة للغاية ونحن على ارتفاع عال في الجو قلنا: ‘ما الذي نراه، المنازل هنا صغيرة! كيف سنعيش؟’ ” وتضيف، “وصلنا إلى إسرائيل في مساء يوم 16 تشرين الأول/أكتوبر عام 1949”.

وأمضت عيدين عامين في معسكر للهجرة، ثم عامين آخرين في مخيم عبور في بنيامينا قبل أن تستقر أخيراً في ما أصبحت تعرف بمدينة كفار سابا.

وتقول وهي تصطحبنا بجولة في منزلها المتواضع المكون من طابقين، “عشنا هنا في هذا البيت، بيت واحد كبير حيث كانت الأسرة بأكملها تعيش سوية، بالضبط كما فعلنا في اليمن. كان هناك نحو 25 شخصاً من عائلتنا موزعين في ثماني غرف، بما في ذلك المطبخ والصالون.

وتقول عيدين، “لم تكن [الحياة] سيئة للغاية في اليمن. فكل مساء كنا نأكل جميعنا سوية، ونغني ونرقص. كانت كل أمسية [أشبه] بليلة زفاف، وعلاقاتنا مع العرب كانت جيدة.”

وتتذكر “لقد بكى العرب عندما غادرنا. كنت أحب جيراننا، وإذا كانت هناك هواتف لكنت على اتصال بهم كل يوم.

وتضيف عيدين، “أحب أن أعود لزيارة [اليمن]. وإذا كان باستطاعتي القيام بذلك لأكون غداً على متن الطائرة.”

ويقول نجل عيدين، رحميم، إسرائيلي متقاعد برتبة عقيد “إذا كان هناك سلام لتمكنا من العودة إلى اليمن”.

وتجيب عيدين، “أولاً نحن بحاجة إلى الاستمتاع بالأرض المقدسة”.

“بعد ذلك يمكننا أن نفكر حول السلام والقيام برحلات إلى اليمن”.