التاريخ اليهودي

تعود جذور المجتمعات اليهودية في المغرب إلى عام ٥٨٧ قبل الميلاد، عندما اضطر اللاجئون اليهود الفارون من التدمير البابلي لأورشليم القدس والهيكل المقدس إلى الهجرة إلى شمال أفريقيا والاستقرار في منطقة الأطلسي في المغرب. وهناك عاشوا بين القبائل البربرية المحلية، التي يُعتقد أن البعض منها اعتنقت الديانة اليهودية وحاربت في وقت لاحق ضد الفتح العربي. وفي عهد الامبراطورية الرومانية توسع شعب إسرائيل في الشتات، ووصل إلى جميع أنحاء شمال أفريقيا على ساحل البحر المتوسط. وفي عام ٧٠م، وبعد تدمير الرومان للهيكل الثاني في أورشليم القدس، استقر المزيد من اللاجئين اليهود في المغرب.

في نهاية القرن السابع الميلادي وصل الفتح الإسلامي إلى المغرب، وشهدت تلك البلاد مرة ​​أخرى مجئ عدد من اليهود بأعداد كبيرة. وفي ظل الإسلام، اضطر اليهود في ذلك الحين إلى العيش كمواطنيين من الدرجة الثانية، أو كما عُرفوا بـ “أهل الذمة”. وفي عام ١١٤٦، تدهور وضع اليهود والمسيحيين في المغرب عندما جاءت سلالة الموحدين إلى السلطة وألغت الجزية (الضريبة التي اضطر أهل الذمة إلى دفعها)، ولكنها طالبت باعتناق اليهود للديانة الإسلامية أو مواجهة القتل. وقد طُلب من أولئك الذي اعتنقوا الإسلام أن يُعرّفوا أنفسهم من خلال ارتداء أغطية رأس مخصصة لهم صفراء اللون، وعاشوا ككفار حيث تعرضوا لأعمال عنف واضطهاد شديدة كانت موجهة ضدهم كيهود. وبحلول القرن الثالث عشر، وعندما وصلت سلالة المرينيون – الذين ينتسبون إلى قبائل زناتة البربرية – إلى السلطة، تم تخفيف القيود الدينية حيث سُمح لليهود مرة أخرى بالعيش علناً كيهود.

وعندما طُرد اليهود من اسبانيا والبرتغال في عام ١٤٩٢، فرّ آلاف آخرون إلى الحارات اليهودية المغربية المعروفة باسم “الملاح”، أو إلى المناطق والأحياء اليهودية في المدن المخصصة لهم من قبل السلطان. ولم يرحب المسلمون المحليون باللاجئين اليهود الذي وصلوا في أعقاب محاكم التفتيش الاسبانية، مما أسفر عن تعرض الكثير منهم إلى العنف والفقر والجوع والتشرد والصراع من أجل البقاء. وقد كان اللاجئون اليهود السفارديم يعرفون بـ “المطرودين” لتمييزهم عن السكان الشرقيين “المقيمين” في المغرب.

في القرن السابع عشر، جاء العلويون إلى السلطة وظل اليهود يعيشون كأهل الذمة، ويُجبرون على دفع ضرائب باهظة والانتقال إلى “الملاح” في جميع أنحاء البلاد. وفي عام ١٦٧٠، أُضرم النار في مستشار يهودي بارز يدعى أبو بكر، وحدث ذلك في مكان عام لإثارة الرعب في صفوف اليهود. وخلال تلك الفترة نفسها دُمرت معابد يهودية وتم طرد اليهود من المنطقة. وقد استمرت تلك المعاملة السيئة لليهود حتى عام ١٨٦٣، عندما أُرسل السير موسى مونتيفيوري من قبل البريطانيين للمساعدة في الافراج عن ١٠ من الرجال اليهود المسجونين في المغرب للاشتباه في قتلهم شخص اسباني. ونجح مونتيفيوري في الإفراج عن الأسرى، وفي أعقاب ذلك نشر السلطان مرسوماً يمنح حقوقاً متساوية لليهود. وعلى الرغم من ذلك المرسوم، استمر اليهود في مواجهة التمييز وأعمال العنف.

وبحلول عام ١٩٣٠، كان هناك ٢٢٥٠٠٠ يهودي يعيشون في المغرب حيث شكلوا أكبر جالية يهودية في شمال أفريقيا. وعندما أدت الأوامر النازية المعادية للسامية إلى منع اليهود من المشاركة في الوظائف العامة، رفض الملك محمد الخامس الالتزام بتلك الأحكام وبدلاً من ذلك دعا جميع الحاخامات من المغرب إلى المشاركة في احتفالات العرش. ومع ذلك، أدى إعلان دولة إسرائيل في عام ١٩٤٨ إلى قيام أعمال شغب وإثارة مشاعر معادية للسامية في صفوف المغاربة العرب، مما أسفر عن موت ٤٤ يهودي وهجرة ١٨٠٠٠ يهودي مغربي إلى إسرائيل. وفي عام ١٩٥٦ أعلنت المغرب استقلالها وأسفر ذلك عن تولّي اليهود عدة مناصب سياسية. وفي العام نفسه، تم وقف الهجرة اليهودية من المغرب إلى إسرائيل، ولكن ذلك الحظر رُفع في عام ١٩٦٣ مما أسفر عن هجرة حوالي ١٠٠٠٠٠ يهودي مغربي إلى إسرائيل. وقد تجددت التوترات بين العرب واليهود في حرب الأيام الستة عام ١٩٦٧، وبحلول عام ١٩٧١ انخفض عدد السكان اليهود في المغرب إلى ٣٥٠٠٠ شخص. واليوم لم يبقى سوى حوالي ٣٥٠٠ يهودي في البلاد. وعلى الرغم من ضئالة حجم الجالية اليهودية إلا أنها تلعب دوراً هاماً في السياسة والثقافة في المغرب.